Story 1# , Basal vs Memory
ان لم تشاهد الحلقة السابقة اضغط هنا لتعلم سبب هذه القصة ..
خريف عام 2004 يوم مشمس على كرسي مدولب جلس يوجين عن عمر يناهز الستين عاما تدفعه ابنته سارة في رواق المستشفى وبشكل غير متوقع إلتفت اليها وقال: أنا سعيد جدا ان لدي ابنة مثلك..
حسنا ان كنت تقول في نفسك وما المفاجئ في الامر, هقولك ليتسي جو >> لنرجع الى الوراء لعام 1992 حيث كان يوجين جالسا مع زوجته بيفرلي وقالت له سيزورنا غدا ابننا مايكل, فرد عليها ومن يكون مايكل؟ قالت له مايكل ابننا!,
وسأل مرة اخرى من هو مايكل؟! وفي اليوم التالي بدأ يوجين بالشعور بتشنجات في معدته وبدأ بالتعرق بشكل مفرط وبدت عليه اثار الجفاف وحين وصوله للمستشفى اصبح عنيفا ودخل في مرحلة الهذيان ووصلت حرارته لــ105 درجات, وبعد ان تم سحب عينة من السائل النخاعي عرف الاطباء انه مصاب بمرض فيروسي قد استهدف منطقة من دماغه بالتحديد المنطقة المسؤولة عن الاحتفاظ بالذكريات.. وحرفيا ان هذه المنطقة من دماغه لم تعد موجودة...
بعد ايام قليلة بدأ يوجين بالتعافي تدريجيا من الاثار المخلفة لهذا المرض ولكنه لم يعد يتذكر اي شيء عن حياته وعند عودته الى المنزل لم يتذكر اي شيء عنه وكان في مطلع كل يوم ينهض من سريره ويحضر البيض باللحم ثم يعود الى سريره وبعد اربعين دقيقة ينهض من سريره ويتوجه الى المطبخ ويحضر البيض باللحم ويعود الى سريره مرة اخرى ويكرر هذا على مدار اليوم, بعد تكرار هذا الامر كل يوم اتصلت بفرلي باحد الاطباء المختصين وفي اليوم التالي اصطحبت يوجين الى عيادة ذلك الطبيب, وتوجها الى قسم الحاسوب لتسجيل البيانات الخاصة بالمرضى.. كانت هنالك شابة تكتب على الحاسب المحمول فنظر يوجين اليها واقترب وقال لها اتعلمين انا مندهش من هذا فعندما كنت صغيرا كان هذا الجهاز معلقا على زوجين من الحوامل تبلغ كل منها ستة اقدام ثم نظر لأعلى, ونظر ثانية للفتاة التي تكتب على الحاسوب وقال لها اتعلمين انا مندهش من هذا فعندما كنت صغيرا كان هذا الجهاز معلقا على زوجين من الحوامل تبلغ كل منها ستة اقدام.. ثم دخل الطبيب وسأل يوجين عن عمره فأجابه ابلغ السابعة والخمسين في حين كان يوجين قد تجاوز السبعين عاما..
ثم جلس الطبيب وقام بتسجيل بيانات يوجين على الحاسب فنظر اليه يوجين وقال.( ايه تقولوا واللا اقولها انا :) ) أتعلم انا مندهش من كل هذا فعندما كنت صغيرا كان هذا الجهاز معلقا على زوجين من الحوامل تبلغ كل منها ستة اقدام..
وهذا بكل تاكيد اكبر دليل على انا المنطقة الخاصة بالذاكرة في دماغ ايوجين لم تعد موجودة ولم يعج يستطيع الاحتفاظ بالمعلومات اكثر من دقيقة في عقله مهما كانت بسيطة حتى انه كان يقضي معظم يومه في متابعة العرض ذاته على التلفاز دون ان يشعر بالملل لأنه لايذكر انه قد شاهده اساسا..
كانت بفرلي تقلق حين يغيب ناظرها عن يوجين خشية ان يخرج من المنزل وان يضل طريق العودة, وقد حصل هذا بالفعل ففي احد الايام رن الهاتف وذهبت بفرلي لتجيب وعند عودتها لم تجد يوجين حيث كان جالسا وبحثت في كل الغرف ولكنها لم تجده وخرجت الى رواق المنزل وبدأت البحث في الحديقة المجاورة ولكنها لم تجد احدا هناك, وبعد 30 دقيقة عادت للمنزل ووجدت يوجين جالسا في مكانه المعتاد فسألته اين كنت؟ قال لها انا هنا لم اذهب الى اي مكان وفعلا لم يكن يوجين يكذب فهو فحسب لم يكن يتذكر ولكنها عندما نظرت الى حذائه المتسخ علمت انه قد خرج فعلا.. ولكن كيف تذكر طريق العودة الى المنزل وهو لايذكر انه قد خرج؟؟ وحتى عندما قدم الطبيب الى المنزل وسال يوجين عن اذا ماكان يستطيع ان يرسم له خريطة للمنزل ولكنه لم يستطع, هو لم يستطع ان يذكر الطريق للمطبخ ولا حتى الطريق لباب المنزل, ولكنه عندما سأله الطبيب, ان شعرت ببعض الجوع ماذا ستفعل وقال له لاتجبني ولكن قم بالفعل فقط, فقام يوجين وتوجه للمطبخ واحضر علبة المكسرات, مع انه قبل دقائق قليلة لم يستطع تذكر الطريق الى المطبخ
وعندما رأى الطبيب ما حصل بدأت تساؤلات كثيرة تدور في رأسه ولكن اكثر مارغب في معرفته هو انه في حال عدم قدرة يوجين على التذكر بشكل نهائي اين يقوم بتخزين هذه الامور كيف يستطيع العودة الى المنزل وطهي الطعام وارتداء الحذاء والبدء في حديث بصورة لبقة وقول العبارات المناسبة؟..
في تجربة اجراها الطبيب مع يوجين قام باحضار بطاقات ملونة قسمها الى قسمين وكتب على احد اطراف القسم الاول wrong وكتب على القسم الثاني right وقام بقلبها ودمجها مع بعضها البعض وطلب من يوجين اختيار البطاقات التي تحمل عبارة right وفي محاولات كثيرة لم يكن يحرز اي تقدم وحتى بعد ايام ومحاولات كثيرة لم يستطع احراز نتائج مبشرة ولكنه بعد فترة من المحاولة بدأ يوجين يتقدم بشكل ملحوظ ويستطيع اختيار البطاقات الصحيحة,, بعد فترة اخرى بدأ ينجح باختيار البطاقات الصحيحة بنسبة 90%..
وطبعا وصولا الى هنا وبلا ادنى شك اصبحنا نعلم ان العقد القاعدية هي المسؤولة عن كل نشاطات يومنا والتي نقوم بفعلها دون ادنى تفكير ولسنا بحاجة الى الرجوع الى ذاكرتنا لأن العقد القاعدية تتفوق على الذاكرة من نواح عديدة ومن اهمها السرعة في الاستجابة والاحتفاظ بالانماط الى الابد وبدون مبالغة اننا لو اعتمدنا على ذاكرتنا في القيام بما نقوم به كل يوم كربط الحذاء او ما سنقوم به هو السؤال كيف كنت اقوم بهذا؟ هل ابدأ باليمنى ام اليسرى؟
او كتنظيف الاسنان, هل اضع المعجون اولا ام ماذا؟ هل امسك الفرشاة باليمنى واضع المعجون بالاخرى؟!! سيكون الامر مربكا للغاية وطبعا ستتمكن من فعلها ولكن هذا سيتطلب جهدا في حين اننا نفعلها بلا ادنى جهد, وهذا كان الغرض من البطاقات الملونة التي اعطاها الطبيب ليوجين فقد علم في النهاية ان يوجين كان يعتمد على التكرار والممارسة في ايجاده للبطاقات الصحيحة وفي عودته للمنزل وفي قدرته على الطهو, فان العقد القاعدية تخلق انماطا لاختصار الوقت والجهد والقيام بالامر باسرع وافضل طريقة وطبعا كل هذا بامر من المخ فهو مبرمج على توفير اكبر كم من الطاقة والجهد فيقوم بتسليمها للعقد القاعدية بدلا من بذل الجهد لفعل الامر ذاته مرارا وتكرارا...
ووصولا الى عام 2004 عندما كانت ابنة يوجين تدفع يوجين في الكرسي المدولب وتحدثه عن ابنائها قال يوجين اتعلمين, ان الطقس جميل اليوم ثم التفت اليها وقال انا سعيد لان لدي ابنة مثلك ثم تشتت وقال اتعلمين, ان الطقس جميل اليوم... وفي اليوم التالي رن الهاتف من المستشفي واجابت بفرلي واخبروها ان يوجين قد تعرض لنوبة قلبية ولم يستطيعوا فعل شيء .. توفي يوجين في ذلك اليوم .. وفي لقاء للطبيب قال فيه " ان يوجين قد غير نظرتنا تماما لطريقة عمل الذاكرة وقد تم استخدام ملفه الطبي في كبرى الدراسات العلمية للدماغ... انها قوة العادة
القصة القادمة : Basal vs Smart
لنفكر من جديد#