السلام عليكم
صياما مقبولا و إفطارا شهيا 
اللهم انصر اخواننا في فلسطين وفي كل بقاع الأرض
... بعد طوفان نوح عليه السلام استمر نسله في التكاثر , وكان أول قوم سكنوا الأرض بعد الطوفان هم أهل الأحقاف , وقيل هي جبال الرمل التي توجد في اليمن وأجزاء من شبه الجزيرة العربية.
"وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)" الأحقاف
وكان القوم يسمون قوم عاد
وهم قوم وهبهم الله بسطة في العلم و الجسم , كانوا ضخاما أقوياء وأنعم الله عليهم بالخير الوفير ولكن عقولهم كانت مظلمة, فبدل أن يشكروا الله على نِعمه, جحدوها و تكبروا وبطشوا بمن هو أضعف منهم
وشيدوا المدن والقصور فوق الجبال والصخور , وبنوها ليتباهو بها لا ليسكنوها
ومن أشهر هذه المدن هي مدينة إرم ذات العماد المذكورة في القرآن "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)" الفجر
دلالة على جمالها و عظمتها
وعبدوا الأصنام وازدادوا جحودا , فبعث الله نبيه هود عليه السلام لينهاهم عن كفرهم ويأمرهم بعبادة الله الواحد الأحد
فكان من أشرف قومهم وأكثرهم قوة و حكمة , و كان من نسل سام ابن نوح عليه السلام
"وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥٓ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِى سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ" الأعراف
فهزؤو به وقالو ما يوم القيامة هذا , وكيف لمن كان ترابا أن يعود للحياة , هيهات هيهات إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا
"وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35) ۞ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)"المؤمنون
فكذبوه , وقالو كيف لبشر مثلنا أن يكون رسولا من الله , ثم إنه لم يأت بآية فقالو كيف نصدق قولك هذا ولا دليل عليه , لا بد أن أحد آلهتنا أصابك بسوء ... فتضرع إليه لعله يعفو عنك ويرد عليك عقلك
قَالُوا۟ يَٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ(53) إِن نَّقُولُ إِلَّا ٱعْتَرَىٰكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٍ قَالَ إِنِّىٓ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوٓا۟ أَنِّى بَرِىٓءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِۦ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ" هود
فقال لهم اتقوا الله و تذكروا ما حدث لمن قبلكم من قوم نوح عليه السلام , اتعضوا ولا تكونوا عبرة لغيركم , فهذه الحجارة لن تنجيكم من عذاب الله
فتحدوه وقالوا بأنهم أقوى من الله ولايوجد من هو أقوى منهم
"فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا يَجْحَدُونَ" فصلت
وكذبوه واستعجلوا العذاب
"قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ (70)" الأعراف
فدعا هود عليه السلام الله تعالى فقال :
"قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ۚ فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)" المؤمنون
وقد ذُكر عن هلاك قوم عاد , أن الله تعالى أمسك عنهم المطر 3 سنين , فأصاب القوم قحط وجفاف
فدعوا آلهتهم لتنزل عليهم المطر , ولما رأوا سحابا أسود في السماء فرحوا وظنوا أنها استجابت لهم وهذه أمطار نافعة ستغيثهم ... بل كان عذاب الله المنتظر وهم لا يعلمون !
"فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَىٰ إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ" الأحقاف
وأما عن مدة تلك الريح , فقد ذكر الله تعالى في سورة الحاقة أنها امتدت على مدار 7 ليال و8 أيام
"وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا۟ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِيَةٍ"
فلم تدَع منهم أحدا إلا أهلكته بأمر الله , يقال أنها كانت تنتزع الشخص من بيته وترفعه للسماء ثم تسقطه على رأسه فينفصل عن جسده فتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان . , لذلك شبههم الله تعالى بأعجاز النخل الخاوية , ونجّا الله هودا والذين ءامنوا معه .
"وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَٰهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا۟ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا۟ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓا۟ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا۟ فِى هَٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَلَآ إِنَّ عَادًا كَفَرُوا۟ رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60) "(هود)
وهذه كانت نهاية أول قوم عبدوا الأصنام بعد طوفان نوح عليه السلام , ولكن كان هناك عاد ثانية , تجبرت أكثر من الأولى و اغتروا بما كان عندهم وقالوا بأنهم أفضل من عاد , ولن يهلكوا
من هم , ومن الذي كلفه الله تعالى بتوجيههم للحق ؟ وهل آمنوا أم أن نهايتهم لم تختلف عن من كانوا قبلهم ؟
هذا ما سنعرفه غدا بإذن الله
هذا والله تعالى أدرى و أعلم
