السلام عليكم
كيف حالكم ؟
قرأت شرحا لقصيدة حافظ إبراهيم عن اللغة العربية فأعجبني ووددت مشاركتكم إياه
رَجَعْتُ لنفسي فاتَّهَمْتُ حَصَاتي وناديتُ قَوْمي فاحْتَسَبْتُ حَيَاتي
يتحدث الشاعر على لسان اللغة العربية فيقول :
عندما بدأت الدعوة إلى العامية وفسدت الألسن بدأت أحاسب نفسي وأبحث عن أسباب القصور في نفسي،فاتهمت عقلي بالقصور ،ثم استنجدت بقومي ممن يتكلمون هذه اللغة ، وحين لم أسمع مجيباً احتسبت حياتي وعددتها فيما يحتسب عند الله وجعلتها لخدمة الأمة ابتغاء مرضاة الله ..
رمَوْني بعُقْمٍ في الشَّبَابِ وليتني عَقُمْتُ فلم أَجْزَعْ لقَوْلِ عِدَاتي
تبين اللغة العربية أنها اتهمت ظلماً بالعُقْم والتحجّر والجمود وعدم قدرتها على التعبير عن متطلبات العصر مع أنها تزهو بين اللغات بالفصاحة والبلاغة ،وتتمنى لو أنها كانت كذلك كي لا تجزع وتحتمل ما يقوله أعداؤها .
وَلَدْتُ ولمّا لم أَجِدْ لعَرَائسي رِجَالاً وَأَكْفَاءً وَأَدْتُ بَنَاتي
تُكمل اللغة العربية دفاعها عن نفسها فهي تقول إنها لغة مِعطاءة مُنجِبة فهي تمتلك ثروة ضخمة من الألفاظ ولكنها عندما لم تجد الكُفء المناسب الذي يحفظ أسرارها ويظهر جمالها ويحسن استخدامها انطفأ بريقها وحكمت عليها بالدفن وهي حية .
وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَةً وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ
فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ وتنسيقِ أَسْمَاءٍ لمُخْتَرَعَاتِ؟!
تخبرنا اللغة العربية بأنها ليست لغة عاجزة والدليل على ذلك أنها وَسِعَت كتاب الله واحتوت جميع أحكامه وتشريعاته ولم تَعجَز عن وصف بيِّنة أو موعظة أو هدف من أهداف القرآن الكريم. فكيف تعجز عن وصف ما صنعه المخلوقين أو تكوين مُسمَّيات للمخترعات العديدة التي لا تساوي شيئاً أمام ما استطاعت التعبير عنه في الماضي ؟!.
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي؟
تستمر اللغة العربية في الدفاع عن نفسها رادة على كل أعدائها فتقول مفتخرة واصفة نفسها بالبحر الواسع الشاسع الذي يتوارى الدُّر الثمين في أعماقه وتحثنا على استخراجه والاستعانة بمن تعمقوا في اللغة وعرفوا أسرارها .
فيا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وَتَبْلَى مَحَاسِني وَمِنْكُم وَإِنْ عَزَّ الدَّوَاءُ أُسَاتي
تخاطب اللغة العربية أبناءها مترحِّمة على نفسها, فمواضع جمالها ومحاسنها تفنى وتبلى وهاهي تذوي شيئاً فشيئاً ، وفيهم من يستطيع أن يعيد إليها جمالها وحسنها على الرغم من ندرة الدواء .
فلا تَكِلُوني للزَّمَانِ فإنَّني أَخَافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَحِينَ وَفَاتي
تستنجد اللغة العربية بأبنائها وتحذرهم طالبة منهم ألاّ يتركوها أو يدعوها للزمان يعبث بها وتتصرف بها يد أعدائها ،فهي تخشى عليهم أن تحل وفاتها فتختفي وتفنى فيصبح العرب بلا هوية ولا لغة .
أَرَى لرِجَالِ الغَرْبِ عِزَّاً وَمِنْعَةً وَكَمْ عَزَّ أَقْوَامٌ بعِزِّ لُغَاتِ
تواصل اللغة العربية تحذيرها لأبنائها ، فتنبهم إلى أنها ترى أبناء الغرب في عزة وقوة ومنعة ورفعة وما كان ذلك إلا بتمسكهم بلغتهم واعتزازهم بها .
أَتَوا أَهْلَهُمْ بالمُعْجزَاتِ تَفَنُّنَاً فَيَا لَيْتَكُمْ تَأْتُونَ بالكَلِمَاتِ
تكمل اللغة حديثها عن رجال الغرب فتقول :
إنهم قد حققوا بلُغتهم المعجزات وقدموا أشكالاً وصوراً من التقدم في كل مجال بينما عجز أبناء اللغة حتى بالإتيان بالألفاظ الصحيحة! .
ولكم واسع النظر في معنى القصيدة :)
بالتوفيق للجميع