- حاسب!! حاسـب
فوقت علي الصـوت ده عشـان الاقي نفسـي بعدها!!..
في اوضتي .. كـانت مليـانة بأقربائي واصدقائي، كان منظر مخيف وانا شـايف رقرقت دمـوع في عيـون كتيـر منهم ، في دوشة في المكـان كتيـر من الحاضرين بيكلمني!.. مش مركز غير مع صـوت عم(ضياء) جارنا، ماسـك ايدي وبيقول
- قول الشهادتين ياأمجد!!..
كـان بيقولها بصوت عالي وبيطلب مني اردد وراه ، حولت احرك معاه شفايفي ببطيء بس حسيت ان المكـان اتملي كيـانات ظلامية شكلها قبيح!! سمعـت زمان جملة في خطبة، وهي ان في لحظة موتك بتشـوف ال كان مخفي عنك!، والشيـاطين بتحـاول بكل طاقتها وجهدها انا تسلب اخر لحظاتك ايمانك في الحيـاة، بس مكنتـش اتخيل ان تاثيرهم قوي كده! ، كنت خـايف ومرعوب وانا شايفهم عنيا بدور في المـكان، محدش شايف ال انـا شايفه!! وفي اللحظة دي شوفت كيـان ابيض بيقرب من طرف رجلي وبيبتسملي! ..
لقيت نفسي بنطقها بصعوبة وبعدها لسـاني مبقاش قادر علي الكـلام، وكـان شفايفي اتربطت بقيود..، شوفت انوار ساطعة بتتجلي في المكـان ..
قرب منـي الكيـان الابيض، ولقيت قيود فمي اتفكت وبتكلم وبقول ..
- انت مين؟ ..
اتكلم وقـال
- كـان المفروض تعرفني لوحدك! .. انـا ملك الموت
كل حواسي اتضطربت واهتز كياني .. لدرجة اني قومت من مكـاني واتعدلت من الرهبة! .. بس حسيت اني خفيف ومش حاسس بتعب فبصيت علي السرير، عشـان الدهشة وعدم التصديق يتملكني! .. كان جسمي في الفراش؟... بصيت علي ال حوليا!! عشـان الاقيهم بيحضنوا جسمي وبيبكوا ، كتير منهم بيخرج من الاوضة وهو حاطط ايده علي دماغه، امي بتصرخ وبتقول
- لسـه بدري ياأمجد، لسـه بدري ياحبيبي!!..
واصحابي مصدومين! .. جاري عم(ضياء) حاطط ايده علي جبيني وبيقرأ الفاتحة..! مكنتش مصدق!! .. الناس دي بتبكي ليه؟ .. دموعي بدأت تنزل مني ، انا لسه عايش!! صرخت فيهم
- ياجمـاعة اهدوا في ايه!! .. انا قدامكم ..
محدش كـان سمعني فبدأت دموعي تنزل اكتر .. كنت عـارف اني مُت بس رافض الفكرة.. رافض الفكرة لاني حاسس بروحي وبوجدي ومحدش سامعني..!!
اتقدم الكيـان الابيض وسط نحيبهم وصراختهم .. وقف في نص الاوضة وقال
-- ليـه كل الشكوي دي ؟ .. ليه اللطم علي الرؤس والبكاء، اقسم بربي انا مظلمتوا ده هو ال رزقه في الحيـاة انتهي.. ولو كُنتم مكـاني هتنفذوا امر الله.. ولازم تعرفوا ان دوركم جي واني هتردد عليكم كلكم ومش هسيب اي حد من الحاضرين ..
وهو بيخاطب في النـاس اتمنيت لحظة اني كُنت سمعت الانذار ده قبل كده.. لقيتهم بيلفوني بقطعة قمـاش، والناس بتتوافد للبيت عندنا، وبعد سـاعة لقيت عم (ابراهيم) داخل علي اوضتي ومعاه طربيزة ، عم (ابراهيم) ياما حضرت معاه تغسيل امواتنا، بس النهاردة انا هحضر تغسيلي ..
كُنت شايف جسدي وعم (ابراهيم) بيحركوا زي ماهو عـايز وبعد دقايق جاب كفن وبدأ يلف جسدي في .. بدأت اقاربي واصدقائي يحطوني في تابوت وينزلوا بيا السلم.. كنت ماشي معاهم بهدوء ولكني مرعوب وخايف، لحد ماسمعت امـام الجامع عم (ضياء) بينادي.. صلاة الجنُازة اثابكم الله .. الصلاة .. الصلاة !!..
الوقت كـان بيجري، بعد انتهاء الصلاة لقيتهم شالوا التابوت، وبدأ صراخ النسوة يخرج من البيـوت لدرجة انه هز قلبي، واطمنت بس لمـا لقيت ال بيشلوا تابوتي بيتشاهدوا وهمـا ماشين كُنت ماشي معاهم وانا شايف الناس بتتسابق في حمل نعشي وايد بتبدل ايد .. كُنت عارف المشيعين كلهم تقريبا ، كُنت سعيد جدا بوجود بعض الناس وفي قمة حُزني في وجود ناس تانية.. المُوت مش بس بيبين الغلاوة للعايشين لا .. اكتشفت انه بيبينه اكتر للموتي لمـا لقيت ريحة كريهة في بعض النـاس كُنت فاكرهم من الصالحين ، لحد ماعيني جت علي بعض من اصدقائي .. ، لقيت نفسي بجري وبقرب وانـا بمشي جمبهم كان في منهم ال بتنزل دموعه ومنهم ال مصـدوم .. لحد ماوصلنا للمقابر حسيت بالغم والقهرة! .. مرينا علي قبور كتير لحد ماوقفوا عند حفرة لسه جديدة ..فاشعرت بالرعب!! .. دخلوا جسمي جوا الحفرة، مقدرتش استحمل وانا شايف جسمي بيتغطي بالتراب!!، فبعدت ومقدرتش اشوف المنظر..
لحد ماشخص من الحاضرين نادي عليا ، كـان بيقول خطبة جميلة اتمنيت انها تطول .. وبعد مانتهي قفلوا الحفرة بالتراب .. كنت سعيد بالناس ال جت تشيع جنازتي كان العدد كبير بس ، النـاس بدأت تمشي والاعداد بقيت تقل واحد ورا التاني ..، واتعمل حاجز بيني وبينهم ومبقتش قادر اعدي الساتر ال همـا بيمشوا!.. مع كل مرور للوقت بتمشي مجموعة .. كـانت اصدقائي واقفة! .. فضلت اتابعهم وسـاكت، كنت عارف ان عمرهم ماهسموعني، بس مش ده السبب ال خلاني ساكت .. السبب كان اني مش عارف اقول ايه .. دموعي نازلة وهما بيبصوا علي قبري وانا وسطهم بتاملهم .. ومع بداية اول واحد يمشي فيهم.. حسيت ان خلاص جه وقت الغربة والوحشة ال بسمع عنها .. بداوا يمشوا واحد ورا التـاني وانا بقول بحزن شديد ..
-- خليكـوا شوية .. !.
-- عصـام ابقي خلي بالك من امي ..
--هتوحشني يايوسف .. خلاص مش هطلب منك قميص ابيض تاني ..
-- معلش ياعبدالعزيز ملحقتش اول الشهر غصب عني.. ابقي سامحني في الـ الف جينة
كلهم مشـيوا وبقي فاضل صديق واخ ليـا ، كنت مستغرب انه مبكـاش عليا طول الجنـازة كان صامد .. بس لقيته مره واحدة انفجر في البكـاء لما كل النـاس مشيت ! لما بصيت في عينه ذاد بكائي .. ولقيت نفسي انا ال بواسي وبقول
-- عمرو انت مش سامعني .. بس انا عايز اقولك اني بحبك!!, ابقي تعالي احكيلي عن مديرك ال مغلبك ، صدقني هسمع!!، ابقي احكي عني مش هوصيك ..
ياعم متعيطش ده انا ال مفـروض هبقي لوحدي، قوم اقف علي طولك وخد عزايا .. مش عـارف انا بقولها ليه بس اهو زيـادة تاكيد ، اوعي تنسـاني، ابقي زورني..
وبعد مامشي غمضت عيني عشـان لاقي نفسي في لحظة واحدة بقيت جوا قبر مظلم!! انا كُنت برا من شوية؟؟ في ايه!! الرعب ال في قلبي كله لو اتوزع علي سكان الدنيا مش هكيفي، كُنت ببكي وبصرخ لسـاعات! المكان ضيق، الظلام موحش وصعب كنت بحاول اهدي نفسي .. وبعد ماهديت فضلت افكر، انـا عملت ايه في حياتي!.. واكتشفت ان بضـاعة اعمالي قليلة!! .. فبكيت تاني واتمنيت ارجع للدنيا .. فضلت اصرخ واقول رجعوني .. مش هعصي، مش هضيع وقتي .. هنفق كل فلوسي علي ال محتاجين !! ...
لحد مسمعت صـوت بينادي بيـقول ..
- مفيش عودة كل دي امـال فارغة!! .. صحيفتك اتقفلت!
اترعبت من الصـوت فقولت
- مين؟
- مش مهم انـا مين! انـا بس جيت عشـان اخليك تبطل وهم ..
- طيب رجعني .. رجعني وجرب!
- دي كـلمة بس انت بتقولها في الوقت ده، انت هنـا في حياة البرزغ لقياام الساعة..!..
بعدهـا اختفي الصُوت، المـكان كان مظلم تمـاما.. فضلت انادي عليه بس مردش تـاني!!, صدي صوتي في المكان بيدوي .. واثـناء صـراخي سمعت صُوت لخطـوات كـانت بتقرب مني، جسمي كله كان بيترعش مفيش .. الخطـوات بترن في مسامعي .. لحد ماستقريت جمبي، لقيتهم بيقومني .. وسـاعتها شوفتهم!! كل الروايات والاحاديث ال كـانت بتتحدث عليهم معرفتش توصفهم جوه عقلي لحد ماشوفتهم كويس ، من رهبتهم كانت عيني رافضة انها ترمش من الخوف ..! واحد فيهم اتكلم وقـال ..
-استعديت للقاء ده؟ ..
كُنت بهز راسي بالنفى والخـوف .. صوتي مش عارف اطلعه!.. بس قولـت بيأس
- ممكن فـرصة تانية!..
------------------------------
-- شوف يـاعم ال عمـال يهز راسه ده ، ده في غيبوبة مش نـايم!
- انـا مش عـارف جايبينه ليه اصلا ده دمـاغه خفيفة لوحدها.. وبعدين ده نايم من اول الطريق
فوقت علي صوت ضحكهم!! ..كنت مخضوض وانـا بنهج!.. وبفتكـر كلام امي قبل مانزل لأصحابي.."" صلي العشـاء طيب واسهر براحتك مش هتاخد ٥ دقايق بالمرة تدعي لأبوك ال مبتزروش!!.""
""مش عـارفة ازاي هتسـافر وبكرة السنوية بتاعته دول بيتنشـاؤ علي الزيـارة ..""
"" اعمل مابدالك يابني ""
.. كُنت ببصلهم وانـا ببلع ريقي بصعوبة..،ومرة واحدة صرخت!! ..
-- حاسب!! حاسسسب.. نزلني هنـا، انا مش هكمل معاكوا الطريق وهرجع..
-------------------
تمت
