السلام عليكم
كيف حالكم جميعا ؟
أسعد الله أيامكم
اليوم سنتحدث قليلا عن ديوان اللزوميات أشهر مؤلفات المعري في الشِعر، وهو يعتبر سجلا حافلا لآراء الشاعر ونظرياته في نواحي الحياة المختلفة.
جاء الكتاب في فن من فنون الشعر يعرف بـ(لزوم ما لا يلزم)، وهو أن يلتزم الشاعر بالإتيان بحرف قبل حرف القافية الذي يجب الالتزام به، كقوله وهو ينبه الانسان بغدر الدنيا:
وجدتك فـــي رقـــدةٍ فــانــتـبه أحــذرك مـــن هـــذه الخاتــلـة
أتاهـــا بــَـنـــوها عــلى غِــرّةٍ وما عــلـمـوا أنّـهــا قــاتـلـــة
فقد أتى بالتاء قبل اللام وهي غير لازمة , ولكنه ألزمها مع القافية , ومن هنا جاءت تسمية "لزوم ما لا يلزم "
أبو العلاء المعري :
، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان(في سوريا حالياً) في محافظة إدلب وإليها يُنسب.
لُقب بـرهين المحبسين أي:
محبس العمى " فقدْ فقدَ بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري "
ومحبس البيت " وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته".
أنشد المعري ديوان اللزوميات، والتزم فيها أن تكون القافية على حرفين، وأن تشمل أشعاره كلَّ حروف الضاد وما يلحقها من الفتح والضم والكسر والسكون، فقد كان لكل حرف بإستثناء الألف ـ أربعة فصول: فللباء المضمومة فصل، وللمفتوحة فصل، وللمسكورة فصل آخر، وكذلك للباء الساكنة وهكذا.
و لعل ديوان اللزوميات الوحيد، بين دواوين العرب القدماء الذي ينطلق من حياة الإنسان وشؤون المجتمع، وإن من زاوية خاصة طغى عليها روح الزهد والتشاؤم. فأبوالعلاء، خلافاً لمن سبقه وعاصروه ولحقه من زملائه القدماء، لم ينطلق في شعره من قصور الحكام وميادين المحاربين، بل من أوساط الشعب المغلوب على أمره والرازح تحت وطأة الفقر والظلم والإبتزاز.
وتنكشف معالم الزهد في شعر أبي العلاي في آرائه التي برزت في إتجاهين هما المجتمع وفساده والحياة والموت
ينظر أبوالعلاء إلى الدنيا بمنظار أسود، فقد إستنزل أشد سخطه وغضبه عليها ولهج في لزومياته بذمها واحتقارها وكان في كثير من الأحيان يدعوها بأم دَفِر، وهي كنيه قديمه لها (والدَفِر: النتِن، فهي كنيه قبيحة تعرب عن احتقار واضح، وأم دَفِر: الداهية,
وقيل: سميت أم دَفر لما فيها عن الآفات والدواهي وقد أوسعها سبّاً وشتماً وذمّاً ولوماً، وعرض ذمها بصور مختلفة. وحض على اجتنابها وزهد فيها، وشغل حيزاً كبيراً من شعره فيها)، مثل قوله:
أخوكِ معذّبٌ يــــــا أمُّ دَفــرٍ أطـــلتــه الـــخــطوب وأرهقته
ومازالت معاناة الـــرزايـا عــــــلى الانســان حتى أرهقته
الزُّهد : هو ترك ملذات الدنيا ؛والسعي للآخرة
فالدنيا خسيسة تافهة، والناس ما هم إلاّ أخسّاء وكم في هذه الدنيا من أنواع العظات ولكن الناس لايرون ولايسمعون:
خَسستِ يا أمنا الدنـيا فــأفّ لــنــا |
|
بنوالخســيسة أوبــاشٌ أخـساءُ |
وقد نطقت بأصناف العظات لنا |
|
وأنتِ فيما يظنّ القوم خرساء |
بالتوفيق للجميع