.
.
أرسلت الصين عددا منظورا من الطلبة المبعوثين إلى مصر والعراق وسوريا والأردن والسودان والكويت
واليمن وليبيا والجزائر والخ. وكانت تسع جامعات قد أنشأت اختصاص العربية منها جامعة بكين
وجامعة الدراسات الدولية ببكين والمعهد الإسلامي ببكين و الجامعة الشمالية الغربية والخ. وحتى
الأن قد أنشأت أكثر من 30 جامعة ومعاهد اختصاص العربية، وقد تخرج منها آلاف الطلاب
منها طلاب البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. ولم يشتغل الأساتذة الصينيون بأعمال التدريس
فقط، بل يبذلون جهودهم في البحوث العلمية الكثيرة مثل دراسة اللغة العربية والأدب والتاريخ
والثقافة والفنون والدين والخ أيضا. ويعملون هؤلاء المخرجون في الأعمال الدبلوماسية والأنباء
والإعلان والتجارة والتعليم والبحوث العلمية وغيرها من المجالات الأخرى، يشتغلون بالشؤون
المتعلقة بالعربية.
وبدأ ترجم القرآن الكريم إلى الصينية منذ الثلاثينات، وأصبحت له كثير من النسخات
المترجمة، منها ))تفسير القرآن الكريم(( من السيد جينغ تشاي )1946 )و))القرآن الكريم(( المترجم
على يد السيد ما جيان)1981.)
بعد تأسيس الجمهورية الصين الشعبية، وخاصة منذ نهاية السبعينات، شهدت قضية تعليم
العربية في الصين تطورا كبيرا، وقد أصدرت كثيرا من كتب تدريس العربية والمراجع. كما شهدت
أعمال ترجمة ودراسة الأداب والثقافة العربية تقدما كبيرا، حيث أصدرت مئات الكتب المترجمة
والكتب الهامة التي كتبها العلماء الصينيون عن السياسة والأقتصاد والأجتماع والثقافة والآداب
والشعر والتاريخ والجغرافية والتقاليد والعقيدة في الدول العربية والخ. وفي نفس الوقت، يشتغل موظفو
العربية في الصين بتقديم الصين إلى الشعب العربي. فمنذ الخمسينات، بدأت إذاعة بكين الدولية
البرامج العربية تجاه الخارج، وبدأت وكالة شينخوا ترسل أخبارا برقية إلى الدول العربية كل يوم،
والمؤسسات مثل دار اللغات الأجنبية ببكين نظمت أنشطة ترجمة الكتب الصينية إلى العربية حيث
أصدرت كثير من الكتب عن السياسة والأقتصاد والثقافة والتاريخ والآداب والفنون للصين وغيرها
من المجالات الأخرى. وكل هذه الأعمال قد ساهمت في تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية وتعزيز الصداقة بين الشعب الصيني والشعب العربي وتعرف بعضهما على البعض
مساهمة كبيرة.
وجدير بالذكر أن قضية تعليم العربية في الصين قد لقيت تقديرا وتأييدا واسعا من يونسكو
جامعة الدول العربية والدول المعنوية.
بدأ تعليم العربية في الصين يخطو مرحلة جديدة. لم تكن العربية اللغة الدينية للمسلمين
الصينيين فقد، بل أصبحت وسيلة مهمة جدا لتعزيز التبادلاتت الودية بين الشعب الصيني والشعب
العربي. وطرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة "حزام واحد وطريق واحد" التي ستساعد على
تعزيز التبادلات التجارية والسياسية والثقافية وغيرها من المجالات الأخرى بين الصين والبلدان
العربية. وفي ظل تلك المبادرة، سيتقدم التعليم والدراسة في اللغة العربية وآدابها وثقافاتها والخ تقدما
أكبر.
الثاني: تأثيرات اللغة العربية في اللغة الصينية
اللغة الصينية لغة لقومية هان، كما أنها اللغة الفصحة في الصين. وممكن أن نجد آثارا كثيرة
تركتها عليها اللغة العربية وثقافاتها. وفي القرون الوسطى كانت الثقافة العربية تؤثر على الثقافة
الصينية في مجالات علمية وتقنية.
1 .الكلمات الطبية
قد انتقلت أنواع كثيرة من العقاقير العربين من آسيا الوسطى، وكتب الشعر الصيني في نهاية
أسرة تانغ لي شون في كتابه ))العقاقير الأجنبية(( أسماء كثيرة عربية غير معروفة بين الجمهور،
مثل كلمة "مو ياو" نقلت حرفيا من المر، و"هو لو با" من حلبة، و"هي لي لي" من الهليج".
وبالإضافة، كلمة "سوان" نقلت من الكلمة العربية الثوم.
2 .المصطلحات الإسلامية
تماشيا مع انتشار الإسلام في الصين، دخلت عدد من المصطلحات الإسلامية إلى الصينية.
واحتفظت هذه المصطلحات بالنطق العربي، مثل "يي سي لان" الإسلام، و"سو دان" سلطان، و"ها لي فا" خليفة، و"يي ما مو" إمام، و"آن لا" الله، و"ها جي" حاج، و"قو لان جينغ" القرآن، و"شي خي"
شيخ، و"مو سي لين" مسلم، و"قو آر بانغ جي" عيد القربان وغيرها من المصطلحات الإسلامية.
3 .أسماء الأسرة
وتمثل آثار العربية على الصينية في الأسماء. مثال، أسماء الأسرة "ها، هاي، لا،نا، يا، يي،
توو، وو، ماي، باي، قاي، مو وغيرها من الأسماء الخاصة للمواطنين الصينيين، كانت أسماء
الأسرة لقومية هوي فعليا. مثال، اسم "سا" من خلفاء "سا دو لا" في عهد أسرة يوان، و"سا دو لا"
نقلت من الكلمتين العربية "سعد" و"الله". واسم "ما" لقومية هوي هو مختصر من الشيخ محمود،
وبسبب أن الصينية تضع الشيخ بعد الأسم فتحولت "الشيخ محمود" إلى "محمود الشيخ" في
الصينية، وثم أصبحت "ما" اسم الأسرة لقومية هوي.
4 .الحروف العربية
ممكن أن نقول إن العربية أثرت على لغة المسلمين الصينيين أشد من القوميات الأخرى
نسبيا. يتكون المسلمون الصينيون من عشر قوميات منها قومية هوي وويغور والقازاق والطاجيكية
الخ، وعدد قومية هوي وويغور أكثر. وكانت لغات هذه القوميات تنتمي إلى التركية، تأثرت لغاتهم تأثرا كبيرا بالحضارة العربية الإسلامية، حيث أخذت من العربية كمية كبيرة
من المصطلحات الإسلامية في شؤون دينية وحياة يومية. واستخدمت قومية ويغور والقازاق
والأوزبكية والتتاري الحروف العربية لكتابة لغاتهم.
وكما ذكر أعلاه، أن قومية هوي قومية جديدة تكونت من العرب والفرس والمسلمون في آسيا
الوسطى المهاجرين )كلهم يسموا هوي هوي( الذين عاشوا وتزوجوا مع قومية هان لمدة طويلة.
وبسبب أن هوي هوي اندمجوا في قومية هان واتصلوا معهم اتصاال وثيقا، فقد تستخدم اللغتان
)الصينية والعربية( بينهم. كان هوي هوي يستخدمون اللغة الأم في مجموعهم، أي العربية أو
الفارسية، ولكن بدأوا يستخدمون الصينية عندما اتصلوا بقومية هان. ومن المتوقع أن مجموع هوي
هوي لم يجيدوا الصينية بشكل جيد في البداية، فكانوا يستخدمون اللغة المخلوطة من العربية
والصينية التي لم تتخلص من نطق اللغة الأم ولم تشكل قواعد صحيحة. مثال، قالوا " 18000
مخلوق" بنطق " شي با تشيان يانغ )ثمانية عشر آلف(" "ما هاي لو قي" )مخلوق(. ولكن مع مرور
الزمان، أصبح مجمع هوي هوي يستخدمون أقل من كلمات اللغة الأم وأكثر من كلمات الصينية
يوما بعد يوم، وثم أصبحوا يفكرون ويتصلون مع الأخرين باللغة الصينية.
وفي عملية اندماج اللغتين لابد أن تؤثر اللغة على الأخرى. فقد بقيت في لغة قومية هوي
آثار العربية والفارسية. عادة يستخدم قومية هوي العربية عن طريق النقل الحرفي والنقل المعني.
مثال، في حين التحية يقول "السلام عليكم"، وتخصر هذه الجملة إلى "سلام" في الكتابة. وكلمة موت
ترجمت إلى "ما تي" كما ترجمت إلى "سي وانغ)نقل معني(" أيضا. لذا يستخدم قومية هوي النقل
الحرفي والمعني كليهما.
5 .قراءة القرآن الكريم
من المعروف أن كثيرا من المسلمين الصينيين يتعلمون اللغة العربية منذ نعومة أظفارهم،
ويقرآون القرآن الكريم باللغة العربية. وفي بداية انتشار القرآن الكريم كان ينقل شفويا في منازل
المسلمين، وثم بدأ يعلمه الأستاذ للطلبة في المساجد. وكانت لغة التعليم مخلوطة من الصينية
والعربية والفارسية، ويستمعون الطلبة إليها ويسجلونها بخط يسمى "شياو آر جين" )شاو جينغ(.
"شياو آر جين" هي خط تستخدم الحروف العربية والفارسية لنطق وكتابة الصينية، وأصبحت لغة
تعليم القرآن الكريم و"شياو آر جين" لغة خاصة وخط خاص بين معلم القرآن الكريم والمسلمين
والذين يتكلمون العربية والفارسية لكن لايعرف الصينية ويستخدمونها في الرسائل والتدوين. ولاشك
أن "شياو آر جين" حروف أبجدية مبكرة تستخدم الحروف العربية والفارسية لنطق وكتابة الصينية
في تاريخ الحروف الصينية، وأنها منتج اندماج الثقافة العربية الصينية، كما أنها مساهمة قومية
هوي في الحروف الأبجدية الصينية.
الثالث: تأثيرات الثقافة العربية على الثقافة الصينية
كما ذكر أعلاه أن اللغة هي وسيلة ضرورية للإتصال بين مختلف الشعوب، فاندماج اللغتين لابد من اندماج الثقافتين. لقد نشأت علاقات حضارية وثيقة بين الصين والدول العربية
خلال الاتصالات الودية بينهما في العصور التاريخية الطويلة، فتطورت حضارة كل من الجانبين
عبر الإستفادة المتبادلة. وقد تركت هذه التبادلات الحضارية تأثيرا بعيد المدى في المجال
الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
فلنلق نظرة قصيرة على تأثيرات الثقافة العربية على الثقافة الصينية.