السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا عائلة طليق الطيبة
اسمحوا لي أن أحدث حضراتكم اليوم عن قصة طريفة وممتعة عنوانها:
"ثقافة الباذنجان"
وبدون أي مقدمات هيا معا لنقرأ القصة.
يروى التاريخ، أن الأمير "بشير الثاني الشهابي" الذي يعد أحد أشهر الأمراء في تاريخ لبنان وبلاد الشام، والذي حكم منطقة جبال لبنان منذ الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر، كان له خادما خفيف الظل يدعى "مسرور" كان يصطحبه معه أينما ذهب. فقال له الأمير ذات يوم، يا مسرور: تميل نفسي إلى أكلة "باذنجان"، فقال مسرور: "الباذنجان.. بارك الله في الباذنجان يا مولاي، فهو سيد المأكولات، شحم بلا لحم، وسمك بلا حسك، وﺩﺟﺎﺝٌ ﺑﻼ اعوجاج، ﻳﺆﻛﻞ ﻣﻘﻠﻴﺎً ﻭﻣﺸﻮﻳﺎ، ﻧﻴﺌﺎً ﻭﻃﺎﺯﺟﺎ، ﺑﺎﺭﺩﺍً ﻭﺳﺎﺧنا، أو ﻣﺪﺧﻨﺎً". "إن الباذنجان يا سيدي هو أفضل المآكل و ارفعها قدرا، فان أكلته متبلا بقي طعمه تحت لسانك، وإن أكلته مقلياً أكلت أصابعك معه، وإن أكلته مكبوساً فهو أشهى المكابيس، وإن أكلته حشيا فهو شيخ المحاشي". فأمره الشهابي بأن يأمر بإعداد وجبة من الباذنجان، وأخذ يأكل منها حتى شبع، وفي المساء، شعر الأمير بانتفاخ ووجع شديد في بطنه، فأمر باستدعاء مسرور، وقال متألماً: "ما هذا الباذنجان اللعين يا فتى؟، فأنا أشعر بانتفاخ في بطني و ألم في رأسي، ومنذ أكلته نالني كَرْب شديد". فقال له مسرور: "الباذنجان.. لعنة الله على الباذنجان يا سيدي.. ﻓﺈﻧﻪ ﺛﻘﻴﻞ،ٌ ﻏﻠﻴﻆٌ، ﻧﻔﺎﺥ، ﺣﻠﻮه ﻣُﺮ، ﻭﻣُﺮه ﻋﻠﻘﻢ، ساخنة ﻣُﻨﻔﺮ، باردة ﻣُﻘﺰﺯ، إنه يا سيدي رديء الطعم، وإن أكلته متبلا انتفخ بطنك، وإن أكلته مقليا تضخم مصرانك، وإن أكلته مكبوساً اغشي نظرك، وإن أكلته محشوا جلب لك الكوابيس والأحلام المزعجة". فتعجب الشهابي من أمر الخادم، وقال له غاضبا: "ويحك يا فتى، أتمدح الشيء وتذمُّه في وقت واحد؟". فرد عليه مسرور متبسما: "العفو يا مولاي، فأنا خادم الأمير لا خادم الباذنجان، فإذا قال الأمير نعم قلت نعم، وإذا قال الأمير لا قلت لا".
ما رأيكم في القصة أيها السادة؟ انتظر من حضراتكم أن تدلوا بآرائكم حول العبرة والعظة منها.