الوقوع في المشكلات سواءً خلال الدراسة أو العمل أو الاستذكار من الأمور التي يعاني منها الجميع، ولكن لماذا ينجح البعض في التغلب على العوائق؟ في الحقيقة فإنّ مهارات حلّ المشكلات مثل أي شيءٍ آخر في الحياة؛ جزءٌ منها فطري ونابعٌ من موهبة، والجزء الآخر يحتاج إلى تدريبٍ وصقل وتعلّمٍ أيضًا، سواءً من الأخطاء أو من التجارب التي تمرّ بها؛ فحتى من لديهم موهبةً فطريّةً في حل المشكلات فإنّهم لكي يتفوقوا بالفعل على العقبات التي تواجههم، عليهم بالاجتهاد لدعم هذه المواهب وإلاّ ستتراجع بالتّدريج ولن يمكن الاعتماد عليها بمفردها
وتعتبر مهارات حل المشكلات من المتطلبات الأساسية الآن في توظيف الكثير من الخريجين، ليس فقط في مجال الهندسة مثلًا أو الاستشارات الإدارية والبحث العلمي، ولكن أيضًا في التعامل مع المشكلات التشغيلية مثل تأخير في سلسلة التوريدات أو حل نزاع بين أعضاء الفريق أو غيرها، وهناك مجموعة من الاختبارات يمكن لصاحب العمل اللجوء إليها للتعرف على قدرتك في التّغلب على العقبات التي يجب عليك أيضًا التّعرف عليها لتكون في حالة جاهزيةٍ دائمة
ما هي مهارات حل المشكلات؟
هي المهارات التي تساعدك في تحديد مصدر المشكلة والوصول إلى حل فعّال في زمن قياسي وقبل فوات الأوان أو تفاقم الخسائر، فعلى الرغم من أن حل المشكلة في حد ذاته يُصنَّف على أنه مهارة، إلا أن هناك مجموعة من المهارات الأخرى التي تزيد من هذه القدرة ومنها
البحث وجمع المعلومات
قد يبدو الأمر بديهيًا للبعض، ولكن الكثيرين ممن يقعون في مشكلة سواءً في الدراسة أو في العمل لا يُكلّفون أنفسهم عناء البحث عن مزيدٍ من المعلومات عنها، ويستقون أفكارهم فقط من المحيطين بهم أو ربما تجاربهم السابقة، وربما يتأثرون بأشخاص فشلوا في حل المشكلة
لذا بمجرد أن تواجه أي مشكلة قم بكتابة اسمها على محرك البحث سواءً بلغتك الأصلية أو لغةٍ أجنبية توفر بها مصادر أكثر وترجمها على موقعٍ فوري للترجمة أو بنفسك إذا كنت تجيد تلك اللغة، ووقتها ستتولّد لديك عشرات الأفكار المختلفة عن طريقة مواجهتها سواءً من التجارب المشابهة أو حتى من زيادة الإلمام بكل جوانب المشكلة
التحليل
وهي المهارة التي تتيح لك النظر للمشكلة من كلّ جوانبها وزواياها الحالية منها أو المستقبلية أو نتائجها المتوقعة عليك أو على الفريق دون مبالغة وتهويل ولا تقليل من شأنها بل بواقعية بناءً على المعلومات التي جمعتها
كما تعني مهارة التحليل القدرة على التجربة والخطأ ووضع تصورات مبدئية لكلّ حل قبل تجربته والانتقال لغيره سريعًا في حالة الفشل
اتخاذ القرار
بعد جمع المعلومات المناسبة وتصور نتيجة كل حل ومشكلاته ومميزاته اتخذ القرار فورًا دون تأجيل أو تردد، فالكثير من المشكلات يمكن أن تظل عالقة للأبد بسبب التردد، وهذا لا يعني أيضًا التهوّر والتّسرع، ولكن بعد جمع المعلومات تكون الصورة واضحةً أكثر
كيف يمكن دعم مهارة حل المشكلات؟
يعتقد الكثيرون أن عليهم أن يكونوا شديدي الذكاء ليتمكنوا من حل المشكلات، ولكن في الواقع نحن جميعًا تمر بنا مشكلات يومية نقوم بحلها، بعضها مشكلات صغيرة والبعض الآخر قد تمثّل مرحلةً انتقالية في حياة الشخص أو وظيفته، ومن الضروري التّعامل مع أيّ مشكلةٍ على أنّها مجرد اختيارات ولا شيء مرعب فيها وأنّه أيًا كان الاختيار فهو قابلٌ للتعديل والتغيير وإعادة البناء من جديد، ومن أهم الطرق التي تساعدك على تطوير مهارات حل المشكلات
التركيز على الحل وليس على المشكلة
فقد أثبت علماء الأعصاب أنّ عقلك لن يمكنه أبدًا إيجاد حلول إذا ركّزت على المشكلة، وهذا لأنّه عند التركيز على المشكلة فإنّك تقوم بتغذية سلبية للمخ مما يمنع الوصول للحلول المحتملة. وهنا لا نعني على الإطلاق تجاهل المشكلة ولكن بدلًا من ذلك حاول الحفاظ على هدوئك واعترف بوجود المشكلة وركّز على الحلول للخروج منها بدلًا من التّركيز على الخطأ الذي حدث أو من هو المخطئ أو المسؤول
بالتوفيق، وأراك في القمة