الكثير من الطلاب ينتظرون فترة الإجازة الصيفية بفارغ الصبر، ليقضوها بعيداً عن مقاعد الدراسة، وعن الأوراق والأقلام والألوان، متحررين من الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف، وذلك بعد تسعة أشهر تقريباً من العمل الجاد والدؤوب والمنافسة؛ لتحقيق النجاح والتفوق وما يصاحب ذلك من جهد ذهني، وضغوط نفسية وسباق مع الزمن، يتطلب استراحة يرتاح فيها الطالب ويجدد نشاطه؛ لكي يبدأ عاماً دراسياً جديداً، يكون حافلاً بالعلم والعطاء والجد والاجتهاد. بدورها سعت الوطن إلى طرح قضية الاستغلال الأمثل للإجازة الصيفية على طاولة عدد من الخبراء والمختصين والتربويين وأولياء الأمور، حيث دعا كلٍ منهم الطلاب للاستفادة من فترة الإجازة في تنمية مهاراتهم وقدراتهم، موجهين لهم مجموعة من النصائح، لاستغلال الإجازة التي بدأت منذ أيام، فيما هو مفيد من أنشطة ثقافية ورياضية وترفيهية، بالابتعاد عن السهر والنوم متأخراً، واستغلال طاقاتهم في القراءة والاطلاع، إلى جانب الأعمال التطوعية والاجتماعية بما يعود بالنفع على الآخرين
لا شك أن الإجازة الصيفية تختلف من مرحلة دراسية إلى أخرى، من حيث المدة الزمنية، وقد يضحي البعض بهذه الإجازة، أو جزء منها ملتحقاً بفصل دراسي صيفي في هذه الكلية أو تلك الجامعة، وقد تكون للبعض الآخر إجازة صيفية له كطالب يقضيها، وهو يستعد لبدء مرحلة جديدة من حياته من خلال التحاقه بالعمل، هي إذاً إجازة أو بمعنى آخر وقت ثمين يُفترض أن يحسن المرء استغلاله، لكن واقع الحال يشير إلى أن شريحة كبيرة من الطلاب وخاصة الصغار منهم، يقضون أغلب وقت الإجازة الصيفية في اللعب واللهو والنوم، ولا يقومون بأداء أي عمل مفيد لأنفسهم أو لأهلهم أو مجتمعهم، حيث يرى التربويون وأولياء الأمور من أجل استغلال هذه الطاقات الواعدة، انه لا بد من وجود جهة ما رسمية كانت أو غير رسمية، تأخذ على عاتقها مهمة تنسيق الجهود لتوجيه الطلاب الوجهة الصحيحة حتى ينخرطوا خلال الإجازة الصيفية في أعمال مفيدة لهم ولأسرهم وللمجتمع كل حسب ميوله وإمكانياته
أنشطة تعليمية
من جانبها التقطت مؤسّسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع رأس المبادرة، وأعلنت عن تنظيمها النسخة الأولى من مخيّم المدينة التعليميّة الصيفيّ، لطلاب ما قبل التعليم الجامعيّ خلال شهر يوليو الجاري، والذي سيوفر برنامجاً نوعيّاً مميّزاً للناشئة يتضمّن خبرات وأنشطة تعليميّة ممتعة متنوّعة في إطار ترفيهيّ رياضيّ تجعل منه تجربة فريدة بين المخيّمات الصيفيّة، ويقدّم هذا البرنامج مجموعة من الشركاء من مؤسّسة قطر وخارجها، وتراعي فعاليّاته الفصل بين الجنسين في الفصول الدراسيّة والأنشطة، ويأتي المخيم بمشاركة (18) جهة ستقوم بتقديم برامج وورش عمل وفعاليات خلال المخيم، ويهدف المخيم إلى الاستغلال الأمثل للإجازة الصيفية وتنمية قدرات الطلاب والارتقاء بها واكتشاف المواهب وصقلها وإبراز الطاقات الإبداعية وتعزيز ثقافة التميز والابتكار والتعاون وإبراز دور الجهات المشاركة
متعة وفائدة
بدايةً يقول خليفة المناعي صاحب ترخيص، ومدير مدرسة خليفة الثانوية المستقلة للبنين، لاشك أن الإجازة من حق الطالب ولكن ليست كامل اليوم، فالإنسان لا يشعر بالراحة الا إذا مر بمرحلة التعب يومياً، ولكي تكون الإجازة جامعة بين المتعة والفائدة علينا التركيز على الأمور التالية، أولاً الصحة مطلب للجميع وهي أغلى ما نملك فإذا مارس الطالب رياضة صحية طوال العطلة ستكون لها انعكاسات إيجابية
ويمضي خليفة في حديثه قائلاً: النفسية أولاً بحيث يبدأ الدوام وقد إعتاد جسمه على الرياضة، ويضيف أن ممارسة النشاط الترفيهي بشكل هادف، يفيد الطالب بحيث يكون جماعياً يستفيد من خلاله القدرة على التواصل الاجتماعي، بعيداً عن الجوال والألعاب الإلكترونية، أما النقطة الثالثة فتكون في السفر الهادف ونقصد به سفرا للعمرة أو سفرا لزيارة جامعات عالمية إذا أمكن، ولا ننسى الأمر الأهم وهو فرصة اجتماع الأسرة معاً فمن شأنها أن تقدم حديثا وترفيهاً بعيداً عن مشاهدة التلفاز، خصوصاً أن الأمور السابق ذكرها لا يستطيع الطالب القيام بها بحرية خلال أيام الدراسة بسبب ضيق الوقت فالجميل في العطلة أن العمل يعقبه راحة طويلة، كما يجب توفير دورات اختيارية في مراكز الشباب، يمكن أن يستفيد منها الطالب على ألا يكون هذا العمل إلغاء تاما للعطلة، وإنما تكون بمثابة خلطة سحرية للطالب بين المتعة والفائدة
من جانبه وجّه محمد العمادي مدير مدرسة الوكرة الثانوية المستقلة للبنين عدداً من النصائح التربوية حول استفادة الطلاب من الإجازة، وكيفية الاستفادة منها باستثمار الوقت فيما هو مفيد من أنشطة ثقافية ورياضية وترفيهية، الابتعاد عن النوم متأخراً، القراءة والاطلاع، استغلال طاقات الشباب في الأعمال التطوعية والاجتماعية بما يعود بالنفع على الآخرين، ويكتسب من يقوم بذلك الشعور بالراحة والطمأنينة والثقة بالنفس والشعور بالرضا، المشاركة في الأنشطة والفعاليات الهادفة، الالتحاق بالدورات التدريبية النافعة في مجال الحاسب الآلي أو اللغات، واستيفاء المتطلبات اللازمة للالتحاق بالجامعات، والاستعداد للفصل الدراسي الثاني، وعلى كل فرد منا، سواء كان طالباً في المدرسة أو في الجامعة، أو حتى موظفا، أن يخطط لمستقبله، بخطة واضحة بعيدة المدى، يخطط فيها لوقته وكيفية إدارته لاسيما خلال الإجازة الصيفية التي نستطيع خلالها إن أحسنا استغلالها تنفيذ هذه الخطط والمشاريع وتحقيق طموحاتنا، وهذه بمثابة دعوة لكي نحسن استغلال هذا الوقت من الإجازة الصيفية والذي عادة ما يضيع هباءً منثوراً في كثير من الأحيان عند الكثير من الشباب حتى لا نندم حيث لا ينفع الندم
ضرورة الترفيه
بدوره يقول المواطن خليفة المحاسنة، تختلف الإجازة الصيفية من مرحلة دراسية إلى أخرى، مثلاً الإجازة الصيفية بالنسبة لطلاب الابتدائي والإعدادي، تختلف عن طلاب الثانوي، لذلك من المهم بالنسبة لطلاب الابتدائي والإعدادي، أن يقوم ولي الأمر بتغيير الأجواء لهؤلاء الطلاب، بمعنى أنه يقوم بأخذهم إلى المتنزهات أو السفر إلى الخارج، على الأقل ينقلهم من أجواء الاختبارات والدراسة والدوام الصباحي والتعب والأرق الذي يصيبهم طوال العام، إلى الاستجمام والاستمتاع بالإجازة، سواء بحجز الفنادق أو المنتجعات السياحية الداخلية أو الخارجية، ثم بعد ذلك يبدأ معهم في الكورسات التأهيلية، ولا يمكن أن يخرج الطلاب من دوامة الدراسة ويعودون إليها مرة أخرى من دون ترفيه، باعتبار أن هذا الأمر يصيبهم بالأرق والتعب، هذا بخصوص طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية، وهنا لابد أن يكون هنالك دور للمراكز الشبابية، بطرح البرامج الترفيهية والتربوية التي تساعد الطلاب على تطوير أنفسهم
أهمية المرحلة
أما بخصوص طلاب الثانوية، يقول المحاسنة الوضع يختلف وهنا يبدأ الجد، وعلى طالب المرحلة الثانوية أن يعرف أنه مقبل على مرحلة جامعية، لذلك لابد أن يثقف نفسه ويأخذ الكورسات التي تعينه على دراسته الجامعية، مثلاً يمكن للبعض استغلال فترة الإجازة في تقوية مستواه في اللغة الانجليزية، خاصة أولئك الذين هم على أبواب الجامعة، حيث أصبح الإلمام باللغات بل وإتقانها خاصة اللغة الإنجليزية أمراً مهما للغاية خاصة إذا ما علمنا بأن الدراسة الجامعية سواء كانت في قطر أو خارجها، تعتمد بشكل كلي على اللغة الإنجليزية في كثير من التخصصات، كما أن الأولوية في اختيار الموظف للعمل في وظيفة ما تُعطى لمن له معرفة ودراية باللغة الانجليزية تحدثا وكتابة، ولا يختلف اثنان على أن الحاسب الآلي أضحى الطاغي على حياتنا العلمية والعملية والاجتماعية، وحيث إن الكثير من المعاهد تقدم دورات تدريبية في هذا المجال خاصة في فترة الإجازة الصيفية، وتقدم شهادات دولية معتمدة، في كثير من حقول هذا البحر الواسع من العلم والتكنولوجيا، فحري بنا أن نطور أنفسنا في هذا المجال الجميل والمهم بالالتحاق بهذه الدورات
توزيع الإجازة
بينما يقول الطالب سعد الفهيدي إنه خلال فترة الإجازة يحصل على العديد من الكورسات والدورات الخاصة بالجامعات، وذلك تمهيداً للاختيار الصحيح عقب الانتهاء من الدراسة في الثانوية، ويمضي في الحديث قائلاً: صراحة إن المؤسسات التعليمية بالدولة توفر لنا الكثير من هذه الدورات للاستعداد للمرحلة الجامعية، هذا بالإضافة إلى أنني أحاول بقدر الإمكان تجميع ساعات كثيرة من ساعات العمل التطوعي الإلزامي للانتهاء منه في فترة الإجازة المسموح بها، كما أنني أحرص على الاستمتاع مع أسرتي بأطول وقت ممكن، ويؤكد الفهيدي أن بإمكان الشخص إنجاز أكثر من مهمة خلال فترة الإجازة الصيفية التي تمتد إلى أكثر من ثلاثة أشهر، مشيراً إلى أنه يوزع الإجازة الصيفية ما بين الكورسات والدورات العلمية، والأنشطة الرياضية والترفيهية، قائلاً: ليست الإجازة كلها لعباً ولهواً وإنما هنالك أوقات للجد والاجتهاد
بالتوفيق، وأراك في القمة
