السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
لقد أشتهر أن أول من قال " لكل جواد كبوة" هو ابن القرية
ابن القرية هو أيوب بن القرية، و القرية هي والدته
و اسم والده يزيد بن قيس.
و ابن القرية أعرابي أمي فصيح اللسان كان بارعا في الخطابة حتى أصبح يضرب به المثل فيقال
" أبلغ و أفصح من ابن القرية "
و قد اعترف العرب و كبار العلماء له بالتفوق بالفصاحة و الخطابة و البلاغة و لعل اشهر من قال فيه ذلك هو الأصمعي
لقد كان لابن القرية درر عن الخيل العربية إذ أنه قد وصف في يوم فرسا فقال:_
" حسن القد، أسيل الخد، يسبق الطرف، و يستغرق الوصف "
أي أنها تضم جميع الأوصاف الحسنة و يقال ايضا:_
" لكل جواد كبوة، و لكل صارم نبوة، و لكل حليم هفوة، و لكل كريم صبوة "
فيما يضرب هذا المثل؟
يضرب في المرء ذي الذكاء صاحب الهمة و النشاط و ذي الصفات المتميزة في عمله و تعامله و علاقاته بالآخرين حيث يحدث معه عكس الذي كان متوقع و شبه الرجل هنا بالجواد لأصالته فهذا ينم عن صلاحه و علو شأنه و ارتفاع درجته و سمو منزلته.
قصة المثل:_
أول من قاله هو ابن القرية عندما دخل على الحجاج بن يوسف الثقفي فأخذ يوبخه و يأنبه و ذلك أنه خرج عليه مع ابن الأشعث غير أن ابن القرية اقنعه بأنه لما خصه بالحمد و الثناء كأنه قد شده بالوثاق و ضيق عليه الخناق و تلئلئة فوقه السيوف فعذره الأمير و أرسله إلى هند ليطلقها و قال طلقها في كلمتين اثنتين و لا تزد فذهب إليها و قال لها إن الأمير يقول لك " كنت، فبنت " فقالت:_ " و الله ما فرحنا به إذ كان و لا حزنا عليه إذ بان "
بعد ذلك انصرف ابن القرية إلى الحجاج بن يوسف فطلب إليه خطبة يخطبها في الناس فلما انتهى الحجاج من خطبته قال له كيف رأيتني؟
فأجاب ابن القرية قائلا:_ " لقد رأيتك أيها الأمير خطيبا مصعقا "
فقال له الحجاج :_ " فلتخبرني كيف ذلك؟ "
فقال ابن القرية:_ " لقد رأيت الأمير يشير باليد و يكثر بالرد و يستعين بأما بعد " و استكمل ابن القرية حديثه قائلا :_ " إن رأيت أن تأذن لي بكلمات اتكلم بهن يكن بعدي مثلا "
فقال الحجاج:_ " هاتي هن "
قال :_ " أيها الأمير، لكل جواد كبوة، و لكل شجاع نبوة، و لكل كريم هفوة "
ثم أنشأ يقول :_
أقلني أقلني لا عدمتك عثرتي... فكل جواد لا محال يعثر
و أحسن ما يأتي امرؤ بفعاله... تجاوزه عن مذنب حين يقدر
و يرتبط بهذا المثل قصة أخرى تروى، انه قد وقع حصان يمتلكه مزاع في بئر ماء جاف أما المزارع فقد حاول جاهدا أن يخرجه لكن دون فائدة ترجى، إذ أن ساق الحصان قد كسرت و ما عاد يقوى على الخروج حينها قال المزارع في نفسه:_ الحصان كبير في السن و سيكلفني اخراجه من البئر مالا يعادل ثمن شراء حصان جديد
و هنا قرر المزارع أن يضرب عصفورين بحجر واحد
أولهما أن يردم البئر الجاف و ثانيهما أن يتخلص من مشكلة الحصان الذي أصيب بدفنه في البئر فقام المزارع بطلب العون من بعض اصدقائه و بالفعل اتوا بمعاولهم و فؤوسهم و أخذوا يردمون البئر ففطن الحصان لما يحدث و أخذ في الصهيل طالبا النجدة!
بعد فترة قليلة توقف الحصان عن الصهيل فنظر المزارع و من معه ليجدوا أن الحصان منشغل بنفض التراب عن ظهره و اسقاطه على الأرض و كان كلما فعل ذلك ازداد ارتفاعا فوق التراب و ظل الحصان هكذا يقترب من الحافة خطوة... خطوة حتى تمكن بذكائه من الخروج، تعجب المزارع و من معه كثيرا من فعل الحصان الذي استطاع أن يتغلب على كبوته و يخرج منها.
و يروى أيضا عن أبي سعيد الخدري، قال:_
قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_
(( لا حليم إلا ذو عثرة، و لا حكيم إلا ذو تجربة))
أتمنى أن تكون القصة قد نالت إعجابكم و قد خرجتم منها بعبرة مفيدة...
دمتم في حفظ الله و رعايته...