أحيانا يصاب الشخص بالإحباط؛ يقول في نفسه: كثيرا ممن أتقنوا اللغة هم في بلدان غربية، لأن وجودهم في تلك البلدان هو سبب كبير في تعلمهم، لكن نحن الذين نعيش في البلدان العربية؛ هل سنصل لمستوياتهم ؟
قد تتفاجأ أخي حين تعرف أن هنالك بعض الأشخاص يكتبون في التعليقات ويقولون أنهم يعيشون في أمريكا منذ خمس أو سبع سنوات، وإلى الآن وهم لا يقدرون على تحدث اللغة الانجليزية بطريقة لائقة، تخيل
بينما هنالك أشخاص يعيشون في العالم العربي قد أتقنوا اللغة، بل واللكنة أيضاً، وحين يتحدثون لا تفرق بينهم وبين الأمريكان، فأنا أعرف شخصياً أحد أولئك الذين كنت أتابعهم قبل سنوات عبر سناب شات، وكان يتحدث بلغة إنجليزية رائعة ولكنة متقنة، رغم أنه لم يسافر إلى تلك البلاد الأجنبية
الفكرة هي أن العيش في البلاد الأجنبية سيسهل أمر إتقان اللغة الانجليزية ويسرع من عملية الوصول إلى الطلاقة، هذا كل ما في الأمر، لأن هنالك أشخاص أنت قادر على التواصل بهم وممارسة اللغة معهم، لكن حتى هذا النقطة مشكوك فيها، لأنك قادر على أن تتعلم في بيتك وبين أهلك وتخصص جزء من وقتك للتواصل مع المدرسن الأجانب بالصوت والصورة، والتحدث معهم كل يوم ساعة أو ساعتين عبر مواقع التدريس المباشر (مثل iTalki و كامبلي وغيرها) وبالتالي أنت تمارس اللغة مع أهل اللغة كل يوم، أنا أعرف ان هذا الأمر يتطلب مبالغ كبيرة من المال، لكن لا أعتقد أنها ستكون أكبر من كلفة السفر والعيش في أمريكا مثلاً
نحن نعيش في عالم وزمن مختلف يا صديقي، لو كنت قلت هذا الكلام قبل عشرين أو ثلاثين سنة مثلاً، لكان كلامك واقعياً، لأن وسيلتك الوحيدة آنذاك هي الكتاب وشريط الكاست، أما اليوم فهنالك عشرات المصادر والطرق والوسائل التي يمكنك بها أن تنغمس وسط بيئة أجنبية، يمكنك أن تنشئ لنفسك واقع افتراضي تتعرض فيه للغة الإنجليزية من كل جانب، وتمارس فيه اللغة بأكثر من شكل ومع أكثر من شخص، فتتعلم بذلك أفضل ممن هو في أمريكا لكنه يعيش لوحده منعزل عن الناس
نعود لذلك الشخص الذي يعيش في أمريكا لأكثر من خمس سنوات ولم يتعلم اللغة بعد، والسبب أنه يعيش في بيئة صغيرة من الأصدقاء والأهل بحيث يتحدث معهم بالعربية طيلة الوقت، وقد لا يتطلب عمله بأن يحتك بأهل اللغة وأهل البلاد، كما أنه ليس لديه همة لتعلم اللغة، لذلك فربما تمر السنوات وهو مكانه لم يتطور أو يتحسن رغم أنه يعيش في بلاد تتحدث اللغة الانجليزية
الخلاصة صديقي، أن أمر اكتساب اللغة والوصول للطلاقة يتعلق بأسلوب التعلم وبهمة المتعلم، أما موضوع العيش في البلاد الأجنبية فما هو إلا عامل مساعد يدعم مسيرتك، وليس كل شيء