هل تمنيت يوماً أمورًا وشعرتَ أنها تُشبه النحت علي صخرةٍ صَمّاء .. أعددت لها ما استطعت من قوة ؛ وبدأت بالفعل في الأخذ بالأسباب .. وأقرنت اجتهادك في طريقك اليها بالدعاء واليقين ..!
هل طالت المُدة علي قلبك ؟!
أوشَكَت قوتك علي النفاذ أليس كذلك .. ؟!
أنت أذكى من أن تستسلم بمنتصف الطريق ؛ أو على الأرجح كنت أضعف مِن أن ترجع لنقطة الصفر بعدما وضعت كل ما لديك من قوة في طريق وصولك لتلك الأمنيه .. ولا تظن أنك إن عدت للبداية ستستطيع أن تسلك طريقاً جديداً لأي أمنية أخرى غيرها وانت بلا رصيد من الشغف الأول .. !
تمر الأيام والأشهر والسنوات ولم ترَ حتى ولو علامة واحدة مُبشرة لوصولك لـ مُبتغاك .. !
ولم ترَ ولو شَقّاً بسيطاً بحچارتك التي تحاول نحتها مراراً وتكراراً ..
فتصبح أمنيتك الوحيدة هي المبشرات .. تنادي روحك كل لحظة .. يارب "هل لي من إشارة تدلني علي صحة الطريق" !
"هل لي من رسالة تخبرني أن هناك أمل فأُكمل المسير" !
ولكنك لا تجد تلك الرسائل ..
أو تجد الكثير منها ولكنه يُعاكِس بعضه البعض ؛ وحتى اذا فهمت رسالة تُنكر وجودها لانك يائس من الأرض الواقع الذي لا يبشر بأي شئ ..
تأخذ القرار بالتوقف عن النحت لأنك لا تمتلك تلك العدسة .. هذه العدسة ليست للأغنياء فقط .. ليست باهظة الثمن .. ليست شحيحة الوجود .. ولكنها توجد لدى الموقنين بالله .. المحسنين الظن به .. تريهم الشقوق الصغيرة التي يُحدثها دعائهم وسعيهم وإلحاحهم وصبرهم ويقينهم وحسن ظنهم .. تريهم أثرهاً في قلوبهم فيطمئنوا ويكملوا المسير رغم انعدام الأسباب المُحيطة.. رغم شُح المُبشرات.. رغم فقدان الشغف وطول الانتظار..
ولكن الله أنار قلوبهم بنور اليقين.. فأصبحوا يرون ما يجري خلف الأبصار .. وهذا بـ نور البصيرة .. !
دعني أطرح عليك سؤالاً ..!
هل شاهدت قبل ذلك حجّاراً وهو يكسر الأحجار ؟!
إنه يظل يضرب الصخرة بفأسه ربما مائة مرة !
دون أن يبدوا فيها أدنى أثر يُبشر بكسر أو فلق !! وليست الضربة الأخيرة هي التي حققت النتيجة !
بل المائة ضربة التي سبقتها ..
وما اكثر الذين يرجعون من منتصف الطريق !
بل ما أكثر الذين ييأسون من كفاحهم قبل ان يجنوا ثمرته ربما بزمن وجيز !
ولو كانوا استمروا وثابروا حتى الضربة الواحدة بعد المائه لحصدوا كل ما زرعوا وأكثر ..
ليس فقط نحت الصخرة كما أراد .. بل أخرج من باطنها الماس !
كل ما أود أن أخبرك إياه يتلخص بقوله تعالى : "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون" .