رحمة محمد صلى الله عليه وسلم وثمامة بن أثال :
للغدر والخيانة تاريخ طويل منذ قديم الأزل حتي في عهد الرحمة المهداة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد غزوة أحد وما حدث فيها من فقد للمسلمين وإيذاء الرسول وأصحابه وقلة الأسلحة أراد كل من في شبه الجزيرة العربية تجفيف منبع الإسلام ومنع انتشاره فلجأ بعضهم لبعض الحيل الماكرة ومن القبائل التي فعلت ذلك " قبيلة نجد " كان لتلك القبيلة صيت ومقام في شبه الجزيرة وكانت كبيرة جدا فأرسلوا لرسول الله شخصا يدعي أبا البراء وكان هذا الرجل ذا مروءة لا يلجأ للخدع والحيل ولم يكن يعلم بمكيدة قبيلته ولكن ما هي تلك المكيدة ؟ ستعلمونها بعد قليل ...
قالوا لأبي البراء اذهب لرسول الله وأخبره بأن قبيلة نجد تريد بعض العلماء لتعليمهم الاسلام والقرآن إلخ وانهم يريدون سبعين صحابيا لكبر عددهم فأحس الرسول صلى الله عليه وسلم بالقلق تجاه ذلك فأخبره أبو البراء بأنهم تحت حمايته وفعلا ذهب بهم أبو البراء وفي رحلتهم إلي نجد أمطرت السماء سهاما عليهم وانطلقت ضربات سيوف الخائنين من كل جانب حتي أريقت دماء ثمانية وستين صحابيا وأبو البراء لا يعلم ماذا يفعل فلقد أعطي لرسول الله عهدا وكان من عادات العرب أن عدم الإيفاء بالوعود ليس من شيم الرجال فماذا يفعل أبو البراء ؟؟
قطع عهدا أنه لن يهدأ له بال حتي يقتل عامر بن الطفيل الذي دبر المكيدة وفعلا قام بقتله .
بالطبع تتذكرون أنني قلت لكم أنهم كانوا سبعين صحابيا قتل منهم ثمانية وستون فقط فأين الاثنان الآخرون ؟ كان المنذر بن عمرو وعمرو بن أمية وهذه أسماء هؤلاء الاثنين تأخرا عن بقية أصحابهم فوصلوا عندما بدأت الحرب أو الاسم الذي يليق بها المكيدة فرأي عمرو بن المنذر أن يلحق بأصحابه وأن يستشهد خير من أن يعود إلي رسول الله وفعلا ذهب ولحق به عمرو بن أمية واستشهد المنذر ولكن عمرو بن أمية أسر وهدد عامر بن الطفيل قبل قتله وقال له بأن قبيلة بني أمية لن تهدأ اذا قتلتني وفعلا أطلق سراحه ولكن عامرا لاقي مصيره علي يد أبي البراء أما بالنسبة لعمرو بن أمية فبعد إطلاق سراحه اختبأ في كهف لبضعة أيام وعند خروجه وجد رجلين فظن أنهما يريدان قتله فقتلهما وذهب بعدها مسرعا لحبيبنا محمد وأخبره بما حدث فحزن حزنا شديدا علي ما حدث للصحابة الذين كانوا ذاهبين إلي نجد بل وزاد ألمه عندما علم بمقتل الرجلين الذين قتلهما عمرو وأخبر الرسول عمرا بأنه أعطي لهما الأمان ولن يمس أحد منهما شعرة واحدة فبذلك يجب علي عمرو أن يدفع دية لأهلهما ولكن هذه قصة أخري . الآن أعلم أنكم تقولون ما علاقة هذا بثمامة ؟ أعلم أني أطلت في هذه القصة لكن التاريخ شبكة واحدة فلنكمل قصتنا ....
وبم أن الغدر لا ينتهي فلقد توالت العديد من الخيانات ومحاولات الغدر فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضع حدا لذلك وأن يصد العدوان من الخارج كما فعل في الداخل أن يصد لا أن يحارب ويريق الدماء كان رسول الله رحيما رحمة تفوق الخيال و رقيق القلب رقة لا تخطر على بال بشر وكان يريد أن يدخل الجميع الإسلام فماذا فعل رسول الله ليصد العدوان ؟ قام بإرسال محمد بن مسلمة وكان يهوديا من بني النضير ولكن الله شرح صدره للإسلام هل تتذكرون قبيلة نجد ؟ ذهب محمد بن مسلمة مع سرية إلي قبيلتي نجد وبني حنيفة وأسر قائد قبيلة نجد وقائد قبيلة بني حنيفة بعد ما فعلوه للمسلمين من غدر وقتل وغيره فماذا تتوقعون أن يفعل ذو القلب الرحيم ؟
أمسك بثمامة بن أثال وقام بوضعه علي عمود أمام المسجد وتقييده بالحبال ولكن لماذا يفعل ذو القلب الرحيم هذا ؟ كان له نظرة بعيدة وهو جعل قلب ثمامة يرق للإسلام وبذلك تسلم معه قبيلته وكان كل يوم يستمع لصوت رسول الله في الخطب وقراءة القرآن بصوت ندي ترق له القلوب ويوما بعد يوم رق قلبه للإسلام وقام بنطق الشهادتين وطلب من رسول الله أن يذهب للعمرة ولكنه كان يخطط لشيء أكبر ... ذهب فعلا وأتم عمرته وجاء وسط حشد من المشركين وقال أتؤذون محمدا ؟ كانت قبيلة بني حنيفة هي التي تمد قريش بالحبوب فقام ثمامة بمنع الحبوب عنهم حتي يثأر مما يفعلونه وبين ليلة وضحاها أصبحت قريش في مجاعة فلمن يذهبون ؟ ذهبوا لمن آذوه كل ذلك الوقت نعم محمد وقالوا له أنقذ قومك تذكروا الآن أنهم قومه وأنه منهم بعدما أصبحوا في حالة يرثي لها وفعلا أعاد العلاقات بين قريش وبين قبيلة بني حنيفة وكان ثمامة بن أثال سببا في دخول العديد من المشركين في دين الله أفواجا خاصة في العام الثامن من الهجرة عند فتح مكة .
ألم يكن بمقدور الرسول أن يقوم بإعدامه أو تعذيبه أو أو أو ثأرا لما فعل؟ لكنه نظر نظرة أبعد وانظروا ماذا حدث بعدما أطلق سراحه إن رسولنا حقا رحمة مهداة للعالمين.
أعلم أنها قصة طويلة لكني حاولت الاختصار قدر المستطاع .
في النهاية اتمني أنكم استمتعتم واستفدتم منها .
بالتوفيق وكل عام وانتم بخير ❤️