- جُمعتكم معطره بالصلاة على الحَبيب. "❤️
يوم الجمعة بحلب.. كان... الو طعمة خاصة..ونكهة مميزة..
يوم مقدس جداً جداً عند كل الحلبية.. بكافة شرائحه وطبقاته..يوم حافل بالطقوس والاكلات الي مابيصير الحلبي يحيد عنها مهما كانت الظروف...
بتبلش من ليلة الخميس..مع تسميعات الجوامع الحنونة..الي بتصدح من كل المآذن بكل منطقة وكل حارة ..وبتتشابك مع بعضها البعض ..لتولد مقطوعة موسيقية أخاذة..مشبعة بالطرب الحلبي الاصيل.. والمبشرة بيوم عطلة مريح ..لصباح يوم الجمعة المميز و يلي بيبدا بقوة ونشاط بتحضير الفطور الخاص على أنغام السيدة فيروز الخالدة..
رغم انو الجمعة يعتبر يوم عطلة وراحة بالنسبة للحلبية ..ومع ذلك منشوف من الصبح السيارات بالشوراع والمحلات فاتحة...والكل عم يشتري ويتبضع..
ناس بتشتري مامونية..وناس بتوصي على شعيبيات...وناس بتجيب فول من عند الفوال ..وناس عم تفاصل الخضرجية..وناس واقفة بالدور عند الفرن..وروايح الخبز فايحة ومعبية الشارع..ومنن عالبسكليت وعلى راسها كليين خبز وبايدها كياس الفول و باقي العدة..وناس عم تشتري سحارات فواكة ..فالحلبية متكتكين..بيحبوا يجيبوا الاكلة مع عدتها الكاملة..وكلو لازم يكون تازة..ولو هالشي كان مجهد ومتعب ويتطلب منن انو يفتلوا ويلفوا على اكتر من محل..فاللقمة الطيبة الي على اصولها بتستاهل انو الواحد يتعب من شانها ..والوصول للطعم الاصيل ليس بالشيء القليل..
بتنمد السفرة الي الها اول ومالا آخر..وبيتجمعوا حوليها اهل البيت بفرح.. طاولة عليها اشكال والوان بتسر النظر.. وروايح بتسعد القلب وبتفتح النفس..
بيفطروا الحلبية يوم الجمعة على مهلن..وبياخدو وقتن على الاخر ومابيتعجلوا ..بيفتحوا احاديث وبيضحكوا وبينبسطوا وبيعملوا جلبة وطوشة كبيرة وهنن عم يسكبوا و ياكلوا..
وهالنمط مكرر بكل عيلة وبيت حلبي مع بعض الفوارق البسيطة ...فمن الصبح ..ومن أي منطقة او حارة بحلب ..منقدر وبكل سهولة نشم روايح الاكل الي عم تختلط بنسمات الصباح العليلة..والي بتدخل للرئتين و بتنعشن الفؤاد و بتوصل لكل تلافيف المخ ..وبتعشش بالذاكرة بقوة..وبتعطي تفاؤل وسعادة..
بتمضى كم ساعة بس وبنبلش نسمع تسميعات صلاة الجمعة.. انغام و ادعية واذكار لطيفة .. بتطرب الاذن..وبتغذي الروح..وبتعطي روحانية عجيبة..
وهون بتنصبغ حلب باللون الابيض .. وبنشوف الحلبية بالشوارع نازلين مشي عالجوامع القريبة ومعهن ولادن الصبيان ولابسين كلابيات بيض ..الصراحة كنت دائماً اتسأل عن الرابط العجيب بين يوم الجمعة والكلابية ؟..انو ليش بكل ايام الاسبوع حلب مودرن وعصرية وكلها الوان وموضة..وبيوم الجمعة بس بتنقلب الناس وبتلبس كلابيات كأنن رايحين يطوفوا بالحرم..حتى التلفزيون بينقلب كمان وبيوقف عرض البرامج الاجنبية المترجمة وبيتحفنا بعمل بدوي مميز ..خيمة ومعزة وربابة ودلة قهوة وفرسان ونشامى..!!!
بتخلص الصلاة وبتنتشر هالبشر .. وبيبلش الكرنفال الاحتفالي الغذائي المحبب بكل بيت..رغم الفوارق المادية بين كل عيلة وعيلة .. بس هالشي مابيأثر أبداً ..كل واحد بيحتفل على قد وضعو ..ففي ناس بتحتفل ببيتها وبتعمل اكلة معتبرة وبتعمل عليها لمة و عزيمة..وناس بتريح حالها وبتتغدا بشي مطعم ..وناس ميسورة الحال بتوصي على المشاوي من قصابها العائلي الخاص وبتتطلع عالمزرعة..ومنن بياخدو العدة وهنن بيشووا وبيعملوا كلشي بأيديهن وهدول هنن الطبقة الاغلب ..مابيهمن المكان ان كان مزرعة فخمة او برية ..المهم مكان يتسع لمنقل فحم ومحل للاكل..والباقي كلو مفردات ثانوية..متعتن بفعل الشوي نفسو..من تقطيع اللحمة..للشك والضم..والكش والشوي..
منلاقين بيتنغموا بمنظر اللحمة وهية نية..وبيتغزلوا بريحتها وهي عم تنشوا ..وبيصيحوا وبينطربوا بطقطقة الفحم الشاعل..وطبعاً متل ما ذكرت بالحلقة الاولى بيبلشوا يتباروا ويتنافسوا بمعلميتن بالشوي..ويكتبوا معلقات عن براعتن..
بس القاسم المشترك بين كل الطبقات الاجتماعية هي الجَمعة الكبيرة..سواءً كان بمزرعة فخمة او مطعم او بيت او حتى عطرف الشارع .. فيوم الجُمعة بدو جَمعة..
كل جد او كبير عيلة بيجمع ولادو واحفادو حوليه وبيقضوا العطلة سوا.. بيتغدوا وبيتسامروا وبيتسلوا وبيتفرجوا مع بعض على برامج التلفزيون المخصصة لهل اليوم ( على ايامي كان برنامج الحصن هو الطاغي يوم الجمعة ).. والاحفاد بيلعبوا مع بعض وبيكونوا ذكريات دافئة..بتنحفر بذاكرتن طول العمر..
قربت الشمس تغيب ..والكل بلش يلملم عدتو.. ويرجع على بيتو..ويختم هاليوم المميز بسهرة خفيفة هون و هون..عند معارف او قرايبين او جيران ..او يحضرلو شي فيلم او مباراة او مسرحية قديمة ..واذا كان صيف بيسهر عالبلكون مع شوية موالح وفواكه..المهم يكون في اكل..فالاكل هو بداية اي مشروع عند الحلبي..وعنصرو الاساسي ..وعليه بينبنى اي طلعة او مشوار..
خلص يوم الجمعة وخلصت معو الاكلات المميزة .. المتعة والرواق.. اللمة و الجَمعة ..وخلصت كمان الشحنة الايجابية الاسبوعية الوحيدة بحياة الحلبي .. ليكمل باقي ايام الاسبوع بهمة ونشاط وترقب وانتظار بذات الوقت لاحتفال يوم الجمعة المقبلة..
يمكن هالحكي يداعب ذاكرتكم ويلامس مشاعركم ..او يمكن يذكركم بشي حلو ....وممكن تبتسموا وانتو عم تقروا هالكلام..بسمة دافئة وحارقة بذات الوقت ..بحرقة وجود فعل ( كان ) بأول المقال ..
ودمتم برعاية الله❤️(: